بدأ الرئيس فترته الحالية بعد نجاحه فى الانتخابات باستقبال الثلاثة مرشحين فريد زهران وحازم عمر وعبدالسند يمامة، وهذا الاستقبال له دلالة مهمة تعبّر عن رُقى حضارى وسياسى ورغبة فى ترسيخ تعاون بين كل الأطياف السياسية وتقديم صورة للداخل والخارج بأن مصر لا تفتت فيها، سواء طائفى أو عرقى، من الممكن أن تختلف الرؤية السياسية لكل مرشح، لكننا فى النهاية كلنا فى خدمة مصر، كلنا رهن إشارة الوطن، هناك رسالة بأن الحوار والخلاف سيكون أرضية للقادم، لأن الذى انتخب هو الشعب، والمعنى بالأمر هو الشعب، ولا بد أن نستمع بجدية إلى صوته متعدّد النبرات من يساره إلى يمينه، هذا الرقى الحضارى والسياسى الذى ترجمه هذا التصرّف المتّفق مع شخصية عهدناها فى منتهى الرّقى مع المرأة والطفل وذوى الاحتياجات.. إلخ.إذن هو ليس تصرفاً جديداً على الرئيس، الدلالة الأخرى لهذا الاستقبال ملخصها «لم يعد لدينا وقت لنُضيعه»، لا بد أن نستمع إلى حلول خارج الصندوق، فالوضع متأزم فى العالم كله، خاصة فى منطقتنا المشحونة بالخلافات، ولا نستطيع حله وفك شفرته إلا بتكاتف كل القوى السياسية ورحابة الصدر مع المعارضة، وبالطبع المعارضة التى أبجديتها الوطن وليست الخلافة أو التنظيم، الحوار كان ودياً، استمع فيه الرئيس إلى المرشحين، بكل أذن صاغية وصدر رحب، كل منهم كانت له رؤية وكان له برنامج، ولا غضاضة أبداً فى استلهام كل ما هو إيجابى فى برامجهم الانتخابية، ليس المطلوب هو الصراع ولكن التكامل من أجل مستقبل هذا البلد، هناك اليسار الاشتراكى ممثلاً فى فريد زهران، وهناك من يمثل حرية القطاع الخاص وهو حازم عمر، وهناك من يحمل تراثاً من ماضى الكفاح من أجل التحرّر، وهو ممثل الوفد.هذا يثبت أن رؤية النظام هى أن تاريخ مصر خط ممتد، نتاج تفاعل وليس حاصل جمع أو ضرب، تفاعل لتكوين مركب جديد، كيان جديد، عناصره كل الأطياف السياسية، وجداريته الضخمة هى كل ألوان النضال السياسى، سواء كان وفداً سنة ١٩١٩، أو اشتراكية الحركة الطلابية فى السبعينات، والتى خرج من رحمها المرشح فريد زهران، الكل سيضع بذوره فى حقل العمل السياسى لتنبت كل ما هو جديد، كل ما سيحل مشكلاتنا المزمنة.الحلم ليس سهلاً، وليس وليد اللحظة، وممتد، ولكننا من حقنا أن نحلم، معتمدين على أن هناك رُقياً فى الحوار السياسى، واستيعاباً وليس ابتلاعاً للقوى الأخرى والمستجدات التى تطرحها، والتى من الممكن أن تختلف مع طرح الحكومة أو النظام، طريق جديد لجمهورية جديدة وأمل جديد.